سأل
أحد تلامذة مولانا أبو يزيد البسطامي ، فقال يا إمام لما لا نجد لذة في العبادة فنحن
نصلي ولا نترك ؟ فأجابهم بقوله لإنكم
تعبدون العبادة .
من هنا نبدأ ، لقد كانت هذه الإجابة من فم الإمام علاج لمشكلة عدم الادراك لحقيقة
الصلاة بل وسائر العبادات . فلما قال أنكم تعبدون العبادة كان قصده إنهم يتوهمون أن المقصود هو العبادة أو الاوراد التي يداومون عليها كل يوم
ولكن كلا فالمقصود هو الله جل وعلا .
إن الهدف والقصد من الصلاة والذكر وسائر الشعائر الدينية
الاخرى هو الوصول إلى الله . الصلاة معناها أن نكون على صلة وتواصل وأن يكون جُل
تركيزنا والمقصد من أداء عبادتنا أننا واقفين بين يدي الله فهو الغاية والمقصود
وليس الطريق هو الغاية . ومن هنا يتبين لنا أن هذا هو السبب الرئيسي في عدم الخشوع
وتشتت التركيز و عدم الشعور أحياناً بالسكينة والراحة التي نرجوها ، وهذا لاننا
نعتقد أن الصلاة هي التي تمنحنا هذه الراحة والسكينة ولكن هذا فهم خاطىء ، فالمنحة
من الله والقصد هو الله وابتغاء القرب منهُ جل جلاله .
أما الذكر فو نوع من أنوع الصلاة أيضاً ، فعندما تذكر
الله يذكرك ، وعندما تقرأ القرآن فإن
الله يحدثك بكلامه فكل هذا من أشكال
الصلاة . ولهذا فمشكلة المشاكل في الذكر والأوراد أننا نركز على العدد وننظر إلى الثواب وهذا أمر جيد ولكن نغفل عن الحقيقة الكُبرى ألا
وهي أن الغرض من الذكر أن تكون حاضر القلب والذهن مع الله هنا يذكرك الله وتتنزل الرحمات واللطائف الربانية
على قلبك . و بُناءاً عليه يجب علينا قبل
أن نبدأ بالذكر أن لايهمنا العدد قدر ما يهمنا التدبر وأن نستحضر أن المقصود هو
الله .
فياكل من أراد الوصول ، يا من أراد أن يسلك طريق العارفين وعلم أن أول هدف خُلقنا
من اجله أن نكون عباداً لله فأراد أن يكون
عبداً حقيقاً لله . من هنا نبدأ عندما
يدرك كل فرد أنهُ عبد. وأن الله هو القصد الله . فالغاية ليست الفردوس أو
الحور العين أو أجر الذكر وفعل الخيرات
إنما الغاية أن نكون عباد لله فتكون كل حياتنا وعباداتنا لله رب
العالمين ولنا أن نتأمل ونتدبر قول الله :
قُل إن صلاتي ونُسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاشريك لك وبذلك أُمرت وأنا
أول المسلمين ، صدق الله العظيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد أول العابدين وأول
المسلمين . والحمدلله رب العالمين .