من المعروف لدى الباحثين في التاريخ القديم والمتعمقين فيه بأن بلقيس
ملكةاليمن من أعظم النساء التي خلدهن التاريخ وملكن في حياة البشرية كلها وقد
عرفنا نسب الملكة بلقيس من كتب مؤرخي اليمن بأنها بلقيس بن الهدهاد المعروف
باليشرح بن شرحبيل بن بريل ذي سحر بن حمير الأصغر بن سبأ الأصغر بن عبد شمس بن وائل
بن الغوث بن جيدان بن قطن بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير الأكبر بن سبأ
الأكبر بن يشجب بن يمن الملقب بيعرب لأنه أول من نطق بالعربية بن قحطان بن نبي
الله هود عليه السلام وأما أشتقاق هذا الأسم ففيه قولين القول الأول أنها لما ملكت
بعد أبيها قال الأقيال والأذواء المقربين منها ومن أبيها ما سيرة هذة الملكة من
أبيها فقالوا بلقيس أي بالقياس فسميت بذلك والقول الثاني أن اسمها مشتق من أسمين الأسم
الأول بلق بمعنى بياض وهو أسم حجارة الرخام الأبيض الذي يضيء ماوراءها كالزجاج ويوجد
في اليمن بكثرة والأسم الثاني إيس وتعني آله الشمس فيفهم من ذلك أنهم أرادوا القول
الملكة ذات الجمال الشمسي أو ذات الجمال الإلهي
فهذا مايفهم من أشتقاق الأسم وأما زمنها ففي القرن العاشر قبل الميلاد وهي
معاصرة لنبي الله سليمان عليه السلام وما حدده المؤرخين لملك سليمان عليه السلام فبلقيس تكون في ذلك
العصر وذاك الزمان. وأما ملكها وحسن تدبيرها فكانت من أعقل النساء وأفضلهن حلماً وعلماً ومشورة وحسن التدبير فقد
كانت كما يخبرنا عنها المؤرخين القدامى صاحبة المشورة على أبيها في عهد ملكه وكانت
معظمة لدى بني حمير وكهلان ولذلك جعلوا لها وصيفات من بنات أشرافهم وخيارهم فكان
لها ثلاث مئة وصيفة وكانت أمراة لاأرب لها في الرجال ولم تتزوج إلا بعد أن أسلمت
على يدي سليمان عليه السلام فيقال أنها لما أسلمت قال لها سليمان عليه السلام لابد
لك من الزواج قالت يانبي الله ومثلي تنكح وقد كان لي من الملك في قومي ماكان فقال لها
في دين الإسلام لابد من ذلك فقالت فإن كنت لابد فاعلاً فزوجني ذي بتع الهمداني فلا
أرى لي كفؤاّ غيره فزوجها بذو بتع الهمداني وقيل بل تزوجها النبي سليمان عليه
السلام وانجبت له رحبعم والله أعلم وأما مدة ملكها فملكت عشرين سنة وقيل ثلاث
وعشرين سنة وقد شمل ملكها اليمن وأمتد إلى بلاد الحبشة وبلاد بابل و بلغت فتوحاتها
الترك وفارس تركيا وإيران حالياً ولكن هناك من المستشرقين المهتمين بالتاريخ
يشككون في ذلك ولا غرابة فهم ليسوا مؤمنين بالله ولا بالقرآن الكريم ولكن اللوم والغرابة
في المؤرخين المسلمين المتأثرين بأقوال المستشرقين والذين يشككون في عصرنا بقصة بلقيس ملكة سبأ ويعدونها
من القصص والروايات الخرافية ويتساءلون هل كانت موجودة أم لا وتناسوا قول الله
تعالى عنها {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ
وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ إني
وجدت امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيم
}النمل_٢٢_٢٣.
فهل بعد قول الله
عز وجل قولاً لأحد فأذا شككت في مسألة ملكة سبأ وتجاهلت القرآن الكريم فماذا بقي
لك من الإيمان بالله ورسوله وكتابه وانت لم تؤمن بشيء ذكر في القرآن والبعض يقولون
لم يجدوا أسمها في النقوش المسندية اليمنية التي كان الملوك التبابعة يسجلون
أحداثهم وأسماءهم وأخبارهم في الحجارة بالمسند فنقول لهؤلاء القوم أن البعثة الأمريكية
التي قامت بالتنقيب في معبد بلقيس وفي تمنع سنة١٩٥٢.ميلادية قد عثرت على أسم بلقيس في النقوش المسندية حيث ذكر رئيس تلك البعثة
مايلي (عثرنا على عدة نقوش مسندية وقد أثار أحدها أهتمامنا لأنه يتضمن إسم بلقيس
وهو الأسم التقليدي لملكة سبأ),لكن سرعان ماضاع ذلك النقش مما جعل هذا الغموض عن
الملكة بلقيس يحز في النفس ولا يمكن أن يظل ذلك النقش فجئة وأنما لعبت به الأيادي
العابثة التي تحارب اليمن وتاريخه العظيم ومهما كان فبلقيس ملكة سبأ محفوظة في
ذاكرة كل اليمنيين وعرشها لايزال شامخاً
إلى اليوم ويسمى بعرش بلقيس ولها محرم يسمى بمحرم بلقيس ولايزال إلى اليوم شامخاً
للعيان وتاريخها معروف بين كل الأمم ولا يتجاهل ذلك إلا
من لم يفهم التاريخ ولم يدرس نصوصه بطريقة
صحيحة موثوقة
#المؤرخ_مراد_دغيش_الأرحبي
murad73985@gmail.com